نموذج سعودي متجانس
23 هدفًا بحلول 2030 و4 غايات لعام 2050
في شهر ديسمبر من عام 2022، شاركت المملكة العربية السعودية ضمن 196 دولة أخرى في المفاوضات تجاه الموافقة على «إطار كونمينغ – مونتريال العالمي للتنوع الأحيائي» في مونتريال بكندا.
وكان اعتماد الإطار حدثًا تاريخيًا، وبمنزلة خطة استراتيجية عالمية شاملة، تُحدد غايات وأهدافًا عالمية طموحة لوقف فقدان التنوع الأحيائي بحلول عام 2030، وضمان الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية، بما في ذلك حماية ما لا يقل عن 30% من المناطق البرية والبحرية، وزيادة التمويل بشكل كبير.
اتفاقية التنوع الأحيائي تشكِّل التزامًا عالميًا حاسمًا إزاء ما يحتاج إليه كوكبنا. كما توفر الاتفاقية خارطة طريق موحدة للجهود الدولية المنسقة لحماية النظم البيئية، وحماية الأنواع المهددة، وتعزيز التقاسم العادل للمنافع الناشئة عن الاستخدام المستدام للتنوع الأحيائي. ويُعدُّ تنفيذها الناجح أمرًا حيويًا لضمان مستقبل صحي وقادر على الصمود ومتنوع بيولوجيا للجميع.
التزام سعودي
وباعتباره جهة الاتصال الوطنية لاتفاقية التنوع الأحيائي، نظّم المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، بالتعاون مع وزارة البيئة والمياه والزراعة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، في العاصمة الرياض، ورشة عمل خاصة بإطار كونمينغ – مونتريال. هدفت الورشة إلى دعم الجهود الوطنية الرامية لتطوير الإطار الوطني للتنوع الأحيائي، الذي يمثل خارطة طريق للحفاظ على التنوع الأحيائي في المملكة خلال السنوات المقبلة، وذلك من خلال الإسهام في تحقيق أهداف الإطار، وتعزيز مستهدفات الاستدامة البيئية وفقًا لرؤية المملكة 2030.
الرئيس التنفيذي للمركز الدكتور محمد علي قربان، كانت له كلمة في الورشة، قال فيها: «نتطلع إلى بناء نموذج وطني متجانس، من خلال التعاون والعمل المشترك بين الجهات ذات العلاقة؛ للتوافق على تحديد الأهداف الوطنية المتناغمة مع أهداف الإطار العالمي، بما يُسهم في تعزيز جهود الدول الأطراف للمؤتمر الخامس عشر لاتفاقية التنوع الأحيائي التي تعهدت بوضع أهداف وطنية وبناء استراتيجيات لتنفيذ الإطار».
ووصف الدكتور قربان الورشة بأنها «تمثل جهدًا وطنيًا يتواكب مع رؤية المملكة 2030 ومبادرة السعودية الخضراء، ومستهدفات الاستراتيجية الوطنية للبيئة لاستعادة التوازن البيئي وتحقيق التنمية المستدامة، بما يرسم ملامح مستقبل مزدهر للأجيال القادمة».
إعداد إطار وطني
من خلال الورشة، ثمة عمل قد بدأ فعلًا في إعداد الإطار الوطني، بحسب الأستاذ فيصل الشريم، مدير نقطة الاتصال الوطنية لاتفاقية التنوع الأحيائي، الذي أشار إلى أن العمل بدأ يتجه نحو نهج تشاركي متعدد التخصصات، ويشمل جميع أصحاب المصلحة المعنيين في المملكة. وسيتم بناء هذا الإطار على أساس علمي متين، وسيحقق الإجماع الوطني على تحديد الأهداف الوطنية، وإنشاء آليات الدعم والتنفيذ لمستهدفات إطار كونمينغ – مونتريال العالمي، وتحديد الأدوار والمسؤوليات.
نقل التجربة السعودية.. إلى العالم
أيمن الطالوني، مدير برنامج الاستدامة البيئية السعودي، وصف برنامج الأمم المتحدة للبيئة، في تصريح خاص لمجلة «الحياة الفطرية» بأنه عمل مشترك ما بين برنامج الأمم المتحدة للبيئة ووزارة البيئة والمياه والزراعة، بجميع أذرعها التنفيذية، بما في ذلك المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية. والهدف المشترك هو دعم تنفيذ استراتيجية البيئة بصورة مستدامة من خلال برامج بناء القدرات، وتوفير الخبرات، وربط البرامج الوطنية ببرامج العمل الدولية والمبادرات ذات العلاقة.
وقال: نسعى من خلال البرنامج إلى تحقيق هدفين رئيسين: الأول، ضمان انسجام برامج التنمية البيئية الوطنية مع التوجهات الدولية الرائدة في مجال حماية البيئة. والثاني، نقل المعرفة والخبرات السعودية في مجال المحافظة على التنوع الأحيائي إلى الدول الأخرى على المستويين الإقليمي والدولي، وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال.
ومن جانب آخر، أكد الدكتور أيمن حمادة، خبير التنوع الأحيائي في المكتب الإقليمي للأمم المتحدة للبيئة في منطقة غرب آسيا، في تصريح خاص لـ«الحياة الفطرية»، أن الورشة لها عدة أهداف من بينها رفع الوعي، وبناء قاعدة معرفية لدى الجهات ذات الصلة بالتنوع الأحيائي لمعرفة أهمية حفظ وصون النوع الأحيائي والنظم الإيكولوجية والاستخدام المستدام لتلك الأحياء.
وأشار إلى أنه من المتوقع التوافق حول رؤية موحدة للأهداف الوطنية لحفظ التنوع الأحيائي في العقد الحالي حتى 2030، تكون متوافقة ومتوائمة مع الإطار العالمي الجديد، الذي وضع 23 هدفًا جديدًا و4 غايات. وقال حمادة: نظرًا لأن حفظ التنوع الأحيائي ليس مهمة جهة واحدة، ومن الصعب جدًا تحقيقه بواسطة جهة واحدة، تمت دعوة كل الجهات ذات الصلة من أجل التوافق حول هذه الرؤية والأهداف الوطنية، التي سيشارك المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية في تنفيذها وتحقيقها بالتعاون مع هذه الجهات.
بالإضافة إلى ذلك، سيجري إنشاء شبكة وطنية من الخبراء وصنَّاع القرار لضمان استدامة تنفيذ متطلبات اتفاقية التنوع الأحيائي على المستوى الوطني.
كما أشار الأستاذ فيصل الشريم إلى أبرز ما تمَّ تنفيذه من أهداف الاستراتيجية الوطنية للمحافظة على التنوع الأحيائي، ومن بينها: إعادة هيكلة قطاع البيئة، واعتماد الاستراتيجية الوطنية للبيئة، وصدور نظام البيئة واللوائح التنفيذية التابعة له، وإعلان مبادرة السعودية الخضراء، والشرق الأوسط الأخضر، وتأسيس قطاع القوات الخاصة للأمن البيئي، وإطلاق منظومة المناطق المحمية.
كما نوَّه بتأسيس جمعيات بيئية وروابط خضراء في كثير من المناطق في المملكة، وإقامة نشاطات التوعية العديدة، مثل فعاليات الأيام العالمية للتنوع الأحيائي، وإطلاق العديد من مبادرات التثقيف. إضافة
إلى إعداد خطة عمل وطنية للأنواع غير الأصيلة الغازية، وإعداد قائمة الأنواع المنتشرة في المملكة، وتنفيذ كثير من الأنشطة لمكافحتها والحد من إدخالها إلى المملكة.
تنوع بري وبحري
شرحت الدكتورة ود الحارثي والدكتورة إيمان الصباغ، خلال الورشة، أهم ملامح التنوع الأحيائي البري والبحري في المملكة، الذي يشمل 65 نظامًا بيئيًا بريًا وبحريًا، مثل: الصحاري العربية، وسواحل الخليج العربي، والأراضي الرطبة، والمرتفعات الشمالية، ومرتفعات الجنوب الغربي (جبال السروات)، والبحر الأحمر، والشعاب المرجانية، وأشجار المانجروف.
وتمتلك المملكة وفرة من التنوع الأحيائي والنظم البيئية البحرية ذات أهمية قصوى في مياه البحر الأحمر والخليج العربي.
وتكمن مسؤولية المركز في المحافظة على البيئة البحرية والساحلية من خلال الحفاظ على الموائل البحرية وإعادة تأهيلها، والعمل على استدامة الكائنات والنظم البيئية البحرية. ومن أهم الموائل البحرية في المملكة، 262 نوعًا من الشعاب المرجانية، و12 نوعًا من الحشائش البحرية، و19 نوعًا من الثدييات البحرية، و1317 من الأسماك البحرية.
وعلى مدار يومين، شهدت الورشة عرض تقارير عن الاستراتيجيات والخطط والمبادرات والأنشطة التي تنفذها الجهات المشاركة لتحقيق أهداف إطار كونمينغ – مونتريال العالمي للتنوع الأحيائي، مع تسليط الضوء على كيفية إسهامها في تطوير الأهداف والمبادرات الوطنية، بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030 .
أهداف وتطلعات
- رفع مستوى الوعي بجهود المملكة في حماية وحفظ التنوع الأحيائي والنظم البيئية.
- ترسيخ ريادة المملكة في تحقيق الالتزامات الدولية المتعلقة بحفظ التنوع الأحيائي.
- تمكين ودعم الإجراءات العاجلة لتنفيذ مستهدفات الإطار الوطني للتنوع الأحيائي.
- الإسهام في تحقيق أهداف اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع الأحيائي.
- مناقشة آليات إعداد وتحديث وتنفيذ السياسات والاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية.
- تعزيز الشفافية في عمليات رصد استعراض التقدم المحرز على جميع المستويات.
- بحث آفاق التعاون والشراكات بين الجهات الفاعلة.
- تأسيس نواة شبكة وطنية من الخبراء والمختصين لدعم تنفيذ الإطار.