[issue-single-data]

بحياتها نحيا

بحياتها نحيا

.. ولأنها أممٌ أمثالنا؛ فإن المُنتظر منا ـ نحن بني الإنسان ـ أن نعامل الكائنات على ظهر الكوكب معاملة الشريك في مقدّرات الطبيعة. الشريك الذي يقاسمنا الهواء والماء، وفرص الحفاظ على النوع، كلٌّ على الشاكلة التي برأه الله عليها..!

والتكريم الذي سخّره الله لنا، نحن البشر، وحمَلنا في البر والبحر؛ هو عينه الذي حمّلنا مسؤولية استحقاق الكائنات الأخرى، بوصفها “أمماً أمثالنا”، تستفيد ـ مثلنا ـ ممّا سخّره الله من أسباب الحياة. وعلى هذا الفهم؛ تأتي رسالة المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية الذي يعمل على مكانتهِ الحيوية، في النهوض بأعباء الحماية وصولاً إلى التنمية الفطرية.

المركز مؤسسة وطنية رسمية بالتأكيد، وضمن منظومة بيئية متكاملة في مملكتنا الحبيبة، إلا أنه مهما بذل من جهد، وتبنّى من أعمال، ومهما تشارك مع مؤسسات أخرى، فإنه غير غنيٍّ عن الدور الأساسي في محيطه الاجتماعي. لا غنىً عن المواطن والمقيم في تنمية الحسّ البيئي الذاتي في كلّ فرد، بما يعنيه كلُّ كائنٍ يعيش معنا للبيئة وللحياة.

إننا نعوّل كثيراً على هذا الحسّ، ومن أجل ذلك؛ وُلدت أفكار كثيرة ضمن الخطاب الإعلامي البيئي. سعينا إلى الاستفادة مما هو مؤثر من الإعلام الجديد، ونثرنا في الفضاء الإلكتروني آلاف المنشورات والملصقات ومقاطع الفيديو، وخاطبنا الجماهير في المدارس والجامعات والمؤسسات الاجتماعية، وعبر المنابر والمناسبات..

وهذه المجلة رسالة إضافية، نسعى بها إلى أن تكون جسراً بيننا وبين الناس في المسألة البيئية عموماً، وفي المسألة الفطرية على وجه خاص. إنها ليست رسالة المركز إلى المجتمع فحسب، بل هي رسالة قطاع كامل، هي رسالة وطنية مفتوحة، تضع الإشارات على الأعمال المنفذة ، وعلى ما نتطلع إليه من تنمية في هذا القطاع الحيوي بالذات.

إذا كان عدد سكان بلادنا يفوق ثلاثين مليوناً؛ فإن هذا العدد الكبير يعيش بمشاركة ملايين أكثر من الكائنات الفطرية التي يواجه بعضها خطر الفناء الذي نُعرّفه بـ “الانقراض”، وبعضها نسعى إلى استعادته، وبعضها نبذل ما في وسعنا لاستمرار الحفاظ عليه.

وحين يدرك مجتمعنا حقائق واقعنا البيئيّ، ويتأمّل ما سخّرته الدولة لرعايته، فإنه سيكون ظهيرنا في مساعدة الطبيعة على استعادة عافيتها، ليس من أجل الكائنات الفطرية وحدها، بل من أجلنا نحن البشر، أيضاً.

حين لا تكون هناك حياة فطرية آمنة، فلن يكون هناك إنسانٌ آمنٌ أيضاً. واستدامة حياة الإنسان مرتبطة ارتباطاً شرطيّاً بالتنوع الأحيائي، فهذه الكائنات أممٌ أمثالنا، وإحساننا إليها؛ إحسانٌ إلى أنفسنا، وإساءتنا إساءة لنا.

Facebook
X
LinkedIn
WhatsApp

مقالات ذات صلة :

ابحث عن مقـــــال داخـــل الأعداد