أكثر السحالي شيوعًا في المملكة العربية السعودية، ويعيش في أماكن أخرى غير المملكة، مثل: الأردن والعراق وسوريا ومصر وشرق إيران. يُصطاد ويُؤكل. ويُطلق عليه في بعض مناطق المملكة “السحلي”.
وهو من أكبرها حجمًا ووزنًا، وهو أحد أكثر الكائنات إثارة للاهتمام والتعجب، ويتميز بجماله الخلّاب وسلوكه الفريد، وقد خلق الله فيه من العجائب الشيء الكثير. يعيش في البيئات السهلية المفتوحة، وهو نهاري المعيشة، وذو لون ترابي أو رمادي، قد يصل طوله إلى 85 سم. له رأس صغير مثلث الشكل ذو قاعدة عريضة ومزود بفكوك قوية جدًا.
الجسم مفلطح بقوة، وخصوصًا عند منطقة الجذع. والأطراف قوية تنتهي بخمس أصابع ذات مخالب طويلة وحادة تُستخدم في حفر الأنفاق في الأرض الرملية السهلية يصل عمقها أحيانًا إلى مترين.
العينان متسعتان نسبيًا، وكل عين مزودة بجفنين: العلوي ثابت والسفلي متحرك. فتحتا الأذن كبيرتا الجحم تقعان عند مؤخرة الرأس. وفتحتا الأنف ذواتا شكل بيضاوي تقعان على جانبي مقدمة الرأس. الفم متسع والفكان قويان. له أسنان مخروطية، واللسان لحمي غليظ ذو لون أحمر، طرفه الأمامي مشقوق، وهو ما يمكِّنه من جلب الأزهار إلى فمه لكي يسهل قطعها بواسطة أسنانه.
العنق جيد الوضوح قصير ومليء بزوائد جلدية على هيئة تجاعيد. وللضب ذيل طويل يُسمَّى بالعكرة، وتتكون من 21 إلى 23 حلقة شوكية مستدقة. وهو سلاح مهم وقوي يستخدمه الضب في الدفاع
عن نفسه حين يتعرض للخطر، وضربة الذيل قوية قادرة على قتل الثعابين.
التغذية
ينتشر الضب في الأماكن التي تكون التربة ملائمة لمعيشته، وكذلك تكون النباتات والأعشاب والشجيرات متوفرة بكثرة، إضافة إلى المناخ الحار المناسب والجاف صيفًا.
وللضب قدرة كبيرة على تحمل العطش والجوع، وهو غالبًا لا يشرب الماء إلا نادرًا، وإنما يكتفي بالحصول عليه من تناول الأعشاب وأوراق النباتات، ومنها: الرمث، والعكرش، والعلندة، والثمام، والنقد، والعرفج، والسعدان. تشكل البذور والأجزاء الخضراء مثل الأوراق والسيقان نسبًا متقاربة خلال فصلي الربيع والصيف. أمَّا في فصل الخريف، حيث إن جزءًا كبيرًا من البذور قد تُطرح من النباتات، فإن الضِباب تعتمد على ما هو موجود على النباتات من الأوراق والسيقان الغضة. وإذا أصابه شيء من السموم، فإنه يتغذى على نبتة تُعرف بـ”آذان الفأر”. كما يأكل بعض الحشرات والمفصليات والنمل والجراد الصغير (الدبا) في أوقات الجفاف. ومن سلوكيات تناول الطعام أنه يقضم قضمة صغيرة من النبتة ويتركها، ويذهب إلى نبتة أخرى ويقضم منها قضمة أخرى ويأكلها، وبهذا يحافظ على النباتات ويزيد من الغطاء النباتي.
بيات شتوي
الضب من الحيوانات متغيرة درجة الحرارة، وتتغير حرارة جسمه تبعًا لحرارة الوسط الذي يعيش فيه. ويختفي الضب خلال أشهر الشتاء حتى أوائل فبراير، ويخرج لمزاولة نشاطاته عندما تكون درجة الحرارة حوالي 35 مئوية، ودرجة حرارة التربة 39 مئوية. وخلال فترة البيات الشتوي يستخدم الدهون الموجودة في الأجسام الدهنية لإمداده بالطاقة اللازمة لاحتياجاته اليومية الضئيلة جدًا، حيث يخفض من عملياته الحيوية حتى تصل إلى %10 مقارنة ببقية أشهر السنة.
كائن صباحي
يُخرج الضب رأسه من فتحة الجحر صباحًا، ويعرض نفسه لأشعة الشمس لكي يرفع من درجة حرارة جسمه، وتُسمَّى هذه العملية بـ”التنظيم الحراري” (Thermoregulation)، وقد تستغرق حوالي ساعة. بعد ذلك يبدأ في إخراج جسمه تدريجيًا من الجحر ويكون لونه داكنًا، ثم يجثم فوق فتحة الجحر لاكتساب الحرارة بملامسة بطنه للأرض. وعندما تصل حرارته إلى الدرجة المفضلة (36-40 مئوية) يبدأ بممارسة جميع فعالياته اليومية من تناول الغذاء والدفاع عن الموطن والتزاوج.
عندما ترتفع درجة حرارة الهواء إلى درجة عالية لا يستطيع تحملها، فإنه يدخل إلى جحره، ثم يخرج ثانية قبل الغروب لإتمام فعالياته اليومية. ومن النادر أن يخرج الضب من جحره في حالة المطر أو الرياح الشديدة، وقد يمكث في جحره عدة أيام.
ابن الجحور
الضب كبير الحجم، يحفر أنفاقًا في الأرض عند صخرة أو أكمة أو شجرة؛ لأنه كثير النسيان. ويلزم جحره في الشتاء، إلا أنه يخرج منها عندما يحس بسقوط المطر خوفًا من الغرق داخله. وفتحة جحر الضب واحدة وتأخذ شكلًا هلاليًا تعلوها كومة ترابية (النثيلة)، وتكون الفتحات باتجاه الشرق بحسب زاوية شروق الشمس؛ لأنه يحتاج إلى تسخين جسمه صباحًا. ويحفر جحره بين النباتات والشجيرات، وذلك لتثبيت الجحر بواسطة جذور هذه النباتات، وللاستفادة من الظل في أشهر الصيف، وكعلامة لمعرفة مكان الجحر بسهولة. وهناك علاقة تعايش بين الضب والعقرب، حيث يوفر العقرب الحماية للضب، ويوفر الضب المأوى للعقرب.
يقول الشاعر:
أتأنس بي ونجرك غير نجري … كما بين العقارب والضّباب
وتشارك الضب حيوانات أخرى، مثل: العناكب والعقارب والخنافس والأبراص وتقاسمه جحره، ويألفها ويستأنس بها،
ويقول الشاعر:
تجمّعن عند الضّبِّ حتى كأنه على كلّ حال أسود الجلد خنفس
ويُوصف الضب بالعقوق؛ لأنه يأكل أبناءه،
ويقول أحد الشعراء:
أكلت بنيك أكل الضّبِّ حتَّى
تركت بنيك ليس لهم عديدُ
وهذا غير صحيح. وإنما تقوم الثعالب والظربان والطير بحفر جحور الضب وأكل الصغار.
التكاثر
يصل الضب إلى سن البلوغ الجنسي في عمر 3 أو 4 سنوات. وعندما يخرج الحيوان من فترة البيات الشتوي أثناء الربيع يحدث التزاوج في شهري مايو ويونيو عندما تكون الحرارة عالية، ويتوقف في بداية شهر يوليو. وتكون الخُصى في أوج حجمها، ويظهر البيض في قناة البيض. وبعد انتهاء فترة التكاثر تضمر الخصى في الذكور ويختفي البيض في الإناث. ومن أعاجيبه أن للذكر نصفي قضيب (يبدوان كذكرين) ويُطلق عليهما النِّزْك، وللأنثى فتحتان تناسليتان (مدخلان).
وأنشدت حبّي المدنيّة:
وَدِدتُ بأنّه ضبٌّ وأني
كضبَّة كُدْيةٍ وجَدَتْ خلاءَ
وتضع الأنثى من 10 إلى 25 بيضة ذات لون أبيض شفاف تتحول إلى اللون الأصفر، ثم إلى الأبيض قبل وضعها بعدة أيام. ويوضع البيض في حفرة عمقها حوالي 50 سم تغطيها الأنثى بالتراب داخل الجحور. يحتاج البيض من 5 إلى 6 أسابيع لكي يفقس وتخرج الصغار منه.
طعام الإنسان.. ودواؤه
يُقبل بعض سكان المناطق التي يوجد بها الضب على أكل لحمه، وبخاصة خلال فصل الربيع قبل أن تضع الإناث البيض. ولذا، قال الشاعر في لذاذة ذيل الضب وعكرته هذا الشعر:
فلو كان هذا الضب لا ذيل عنده
ولا كشية ما مسّهُ الدهرَ لامسُ
ولكنه من أجل طيب ذُنيبه
وكشيته دبّت اليه الدهارسُ
والدهارس هي المصائب. أمَّا الكشية، فهي شحمة صفراء في ذنب الضب.
وقد ذكر الجاحظ في كتابه “الحيوان” أن للضِباب سوقًا في المربد وأنها خير سوق في العرب. وما زالت للضِباب أسواق في كثير من مدن وسط الجزيرة العربية وشمالها تُباع فيها قبل أن يقوم المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية بوضع ضوابط الحماية لهذا الحيوان. ويُؤكل لحم الضب عادة مطبوخًا مع الأرز، ويعتبر الذيل (العكرة) الجزء المفضل من لحمه. ويعتقد بعض الناس أن لحم الضب يعتبر علاجًا للعديد من الأمراض ويزيل الأوجاع. ويعتبره البعض الآخر، مفيدًا من الناحية الجنسية وخاصة ذيله، ولكن ذلك لم يثبت علميًا. وقد جرت دراسة التركيب الكيميائي ومحتوى الأحماض الدهنية والكولسترول في لحم الضب عند نهاية فصل الشتاء وخلال الربيع. وأثبتت الدراسة انخفاض نسبة المواد الصلبة في اللحم خلال فترة الربيع مقارنة بفترة الشتاء. وكانت الدهون منخفضة مقارنة بلحوم الإبل والأبقار والضأن النجدي وأفخاذ الدجاج المحلي. وبلغت نسبة الكولسترول في دهن الضب أكثر من ضعفي كميته في كل من دهون الإبل والأغنام النجدي والأبقار. وتبلغ نسبة الكولسترول في لحم الضب حوالي 561 مليجرام/100 جرام مقارنة بلحم الضأن، حيث يبلغ 6.2 مليجرام/ 100جرام، وهي ليست مناسبة لمن يعاني ارتفاعًا في الكولسترول أو تاريخًا بالإصابات بالجلطات القلبية.
أمَّا نسبة الأحماض الدهنية المشبعة، فكانت منخفضة خلال فترة الشتاء والربيع، في حين كانت نسبة الأحماض الدهنية غير المشبعة في كلتا الفترتين تُعادل أكثر من ثلاثة أضعاف ما نسبته في لحم البقر والضأن.
المحافظة على الضب وحمايته
لقد ازداد صيد الناس للضب في الآونة الأخيرة، وهو ما أدى إلى تناقص أعداده عما كانت عليه سابقًا. وترى الآن، في بعض الأحيان، ضبًا واقفًا على باب جحره يتلفت يمنة ويسرة تلفتًا يوحي بأنه يعيش في حالة رعب وخوف. وينطق وقوفه ذلك بالذعر والحذر الشديدين من ظلم الإنسان. ذلك الظلم الذي يتمثّل في اصطياده بالبندقية أو بإغراق جحره بالماء.
وقد خاطب أحد الشعراء (أحمد الدامغ) هذا الضب الواقف على جحره بأسلوب شعري فيه بشارة بأنه سيدخل في قائمة المحميات من الاعتداء العشوائي من الإنسان. وتمثّلت هذه المناجاة بالأبيات التالية:
يا مجمع الضبان الله يمدك
بصوت ينافح ضالم جاك غازيك
ويصير لك درعًا حصين ويعدك
فيما حمى من بيئته عن معاديك
هيضتني يا ضب من يوم شفتك
من حول جحرك قاصرات هقاويك
يا ضب والله يوم تشكي نعذرك
مار الجهل من بعضنا قد عثا فيك
أشوف مع هالوقت ناس تضدك
صارت هوايتها تتبع خطاويك
المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية وضع استراتيجية لحماية الضب، والغرامات المستحقة على الذين يتجاوزون أنظمة الحماية. ومن أهم أسباب تناقص أعداد الضب ما يلي:
الصيد الجائر: ويعتبر السبب الرئيس لتدهور أعداده، وذلك باستخدام الأسلحة النارية كالبنادق والشوزن. ويا للأسف، إن معظم الصيادون يصيدون هذا الحيوان لمجرد التسلية أو لبيعه.
تدمير الموائل البيئية: دُمِّر الكثير من المواطن البيئية لكثير من الحيوانات نتيجة للزحف الزراعي والصناعي، ما أدى إلى اختلال مواطن الضِباب ومصادرة مواقع تكاثرها.
الدهس على الطرق الرئيسة: تتعرض الكثير من الضِباب إلى الدهس بواسطة وسائل النقل أثناء حركتها اليومية.
بدأت الكائنات الفطرية تودّع موائلها الطبيعية ضمن النظام البيئي، ويتضح ذلك من النقص الملحوظ في أعدادها. ولعل الصيد الجائر هو أهم هذه العوامل التي تهدد الحياة الفطرية، وقد كان سببًا من الأسباب الرئيسة في انقراض بعض الأنواع الفطرية في القرن الماضي من خلال الإبادة الجماعية للحيوانات.
ولكي نحمي الضب من خطر الانقراض يجب علينا القيام بالتالي:
• توعية المواطنين بمدى أهمية الحياة الفطرية والأدوار التي يؤديها كل كائن حي خلقه الله في هذا الكون. ويكون ذلك باستغلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، وليس هناك أفضل من المراقبة الذاتية وزرع ذلك لدى الناس.
• إعادة نقل وتوطين أعداد من الضب (الذكور والإناث) إلى داخل المحميات الطبيعية، وذلك لضمان الحماية لها وزيادة أعدادها.
• مراقبة أسواق بيع هذه الحيوانات في مناطق المملكة المختلفة، وتطبيق العقوبات الرادعة في حق المخالفين.
• حظر استخدام المواد الكيميائية الفائقة التركيز والسمية، وذلك لتأثيرها على النباتات والأعشاب التي يستخدمها الضب في غذائه.
• الانضباط في عملية صيد الضباب، وألا يسمح بالصيد خلال فصل التزاوج من كل عام، وذلك خلال الفترة من شهر مايو إلى يوليو من كل عام، وهي الفترة التي يتم فيها نضج البيض ووضع الإناث البيض في الجحور.
• منع استخدام الأسلحة النارية؛ لأنها أسرع وأسهل الوسائل في حصد أعداد كبيرة من الضب. كما أن البعض من هذه الحيوانات تموت داخل الجحور بعد الإصابة.
• محاربة الأفكار والاعتقادات الشعبية التي تنتشر في أواسط الناس، والتي ينص بعضها على أن أكل جزء معين أو عضو من الضب يورث الإنسان قوة أو طاقة جسدية هائلة. ولقد أثبتت الأبحاث العلمية عكس ذلك، وأن هناك نسبة عالية من الكولسترول في لحم الضب – كما ذكر سابقًا – مما يسبب مشكلة صحية لبعض الأشخاص.
علميًا
يتبع الضب طائفة الزواحف Reptiles وضمن رتبة الحرشفيات Squamata. ويقع تحت رتبة السحالي Sauria، ويتبع فصيلة العظايا (الحرادين) Agamidae. يستوطن الجزيرة العربية جنس واحد من الضِباب هو Uromastyx ويضم خمسة أنواع من الضباب، وأكثرها انتشارًا الضب الصحراوي (المصري) Uromastyx aegyptius microlepis.
لغة.. اسمًا وكنية
ذُكر في “لسان العرب” أن الضب في اللغة مأخوذ من ضبا الشيء، أي لصق بالأرض. ورغم انطباق هذا الوصف على كثير من الدواب، فإن الضب خص بذلك؛ لأنه إذا أحس بشيء لصق بالأرض كي لا يُرى.
والذكر منه الضّب أو العير، وأنثاه ضّبة. وقد ورد في معجم لسان العرب وفي الصحاح ومتن اللغة، أن الضب جُمع على أضب وضباب وضبان ومضبة، ويسمَّى الضب “المسبل” ومنه جاءت بنات سبل كناية للضباب. وتختلف أسماء الضب بحسب المرحلة العمرية، فهو “سرء” عندما يكون بيضة، “وحسلًا” عندما يخرج من البيضة حيث يُطلق على صغير الضب “الحسل” والجمع “حسال وحسول وحسلان”، وبه يُكنى فيقال: “أبو الحسل”، ثم يصبح “مطبخًا” عندما يسلخ جلده، وفي صغره يُسمَّى “غيدقًا”، ثم يكون ضبًا عند البلوغ. ومن أسماء الضب أيضًا “السبحل” وهو الضب الضخم. أمَّا “العدامل والعداملي”، فهو الضب الضخم القديم، و”العلب” هو الضب المسن، و”الجحل” المسن الكبير.
في الأدب
للضب نصيب كبير من أقوال العرب في الشعر وفي الأمثال، وسبب ذلك هو وجوده في بيئتهم ومشاركتهم في تحمل الحياة الصعبة من جدب وحر وبرد، ولما في غريب طباعه وسلوكه وما اجتمع فيه من تناقض الصفات وتباين الحالات. وقيل فيه شعرًا:
ما كنت أولَ ضبٍ صاب تلعَتَهُ
غيثُ فأمرعَ واستخلتْ له الدار
ومما قيل في الضب من الأمثال:
أبله من ضب.. أحير من ضب.. أضل من ضب.
لما يزعمون أن الضب في طبعه الحيرة والنسيان وعدم الهداية، ولذا قالوا: إنه يحفر جحره في موضع مرتفع لئلا يضل عنه إذا خرج ابتغاء الطعام ورجع.
أجبن من ضب.. احذر من ضب حرشته
الاحتراش أن يقصد الرجل جحر الضب فيضربه بكفه، فيحسبه الضب أفعى، فيخرج إليه بحذر.
أروى من ضب
لأنه لا يرد الماء أصلًا.
أصبر من ضب
لما فيه من ضيق العيش وسوء الحال.
أحيا من ضب
وذلك لأنه يعمّر طويلًا.