مشروع طموح للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية في محمية جزر فرسان
يعد تنظيف مناطق تعشيش السلاحف أحد جهود الحفظ الحاسمة التي تتطلب اهتمامًا دقيقًا بالتفاصيل والالتزام بحماية هذه النظم البيئية الضعيفة. وتلعب السلاحف دورًا حيويًا في الحفاظ على صحة محيطات كوكبنا والأنظمة البيئية، وتشكل مواقع تعشيشها جزءًا مهمًا من دورة حياتها.
وفي إطار جهوده الحثيثة للحفاظ على التنوع البيولوجي البحري والبري، يعمل المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية على تنفيذ مشروع طموح يهدف إلى إعادة تأهيل مناطق تعشيش السلاحف البحرية في جزر الليث ومحمية جزر فرسان. يأتي هذا المشروع تماشياً مع الأهداف الاستراتيجية للمركز الرامية إلى حماية الأنواع المهددة بالانقراض وتعزيز صحة النظم البيئية الساحلية.
واستناداً إلى سنوات من البحث الميداني المكثف والبيانات التفصيلية التي تم جمعها حول سلوكيات تعشيش السلاحف البحرية الخضراء وسلحفاة منقار الصقر في جزر محمية فرسان، والتي شملت رصدًا دقيقًا لأماكن التعشيش، وحجم البيض، وفترات الحضانة، ومعدلات النجاة، تم تصميم هذا المشروع الطموح بالشراكة مع فريق من الباحثين المحليين والدوليين. وقد أظهرت هذه الأبحاث أن التلوث البلاستيكي والتغيرات المناخية يشكلان تهديدًا كبيرًا على بقاء هذه الكائنات البحرية المهددة بالانقراض.
يهدف هذا المشروع البيئي الطموح إلى إعادة تأهيل المناطق الساحلية، وتحويلها إلى ملاذ آمن لتكاثر السلاحف البحرية من خلال إزالة المخلفات البلاستيكية والمعادن الثقيلة التي تؤثر سلبا على جودة المياه والرمال، والعمل على استعادة البيئة الطبيعية التي كانت تزخر بها هذه الجزر قديماً. وبذلك، يتوفر للسلاحف البحرية الفرصة المثالية للقيام بعمليات وضع البيض والفقس بنجاح، مما يساهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي البحري في المنطقة.
البلاستيك المهدد الأول
في إطار جهود الحفاظ على التنوع البيئي البحري، تمكن فريق العمل من جمع وإزالة ما يقرب من 9951 كيلوغرامًا من المخلفات التي تهدد مناطق تعشيش السلاحف في محمية جزر فرسان، حيث شكلت البلاستيكيات النسبة الأكبر بنحو 6555 كيلوغرامًا. وشملت عمليات التنظيف 28 جزيرة من مناطق تعشيش السلاحف، مما يساهم في دعم ازدهار النظام البيئي البحري وتعزيز دور السلاحف البحرية الحيوي فيه.
ورشة توعوية
وفي إطار مشروع إعادة تأهيل مناطق تعشيش السلاحف البحرية في محمية جزر فرسان، نظم المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية ورشة عمل توعوية في المركز الحضري بجزر فرسان. هدفت الورشة إلى تسليط الضوء على الدور الحيوي للسلاحف البحرية في النظام البيئي المحلي، وحث الصيادين ومرتادي البحر على المساهمة في حمايتها، وانجاح مشروع تنظيف 28 جزيرة من المخلفات الصلبة بهدف إعادة تأهيل الموائل الطبيعية وتوفير بيئة مناسبة لتعشيش السلاحف.
أهمية السلاحف البحرية
السلاحف البحرية هي زواحف قديمة كانت موجودة منذ أكثر من 100 مليون عام، ولكن اليوم، يتم تصنيف جميع الأنواع السبعة من السلاحف البحرية على أنها مهددة بالانقراض أو معرضة للخطر. ويوفر اليوم العالمي للسلاحف البحرية فرصة لتثقيف الجمهور حول هذه المخلوقات الرائعة والحاجة الملحة للحفاظ عليها.
واليوم العالمي للسلاحف البحرية هو حدث سنوي يتم الاحتفال به في 16 يونيو لزيادة الوعي بأهمية السلاحف البحرية والحاجة إلى حمايتها من الانقراض. تم إطلاق هذا اليوم في عام 2019 من قبل الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) لتسليط الضوء على التهديدات التي تواجه أنواع السلاحف البحرية وجهود الحفاظ عليها الجارية على مستوى العالم.
وتعمل العديد من المنظمات والهيئات الحكومية في جميع أنحاء العالم على حماية السلاحف البحرية وموائلها. وتشمل هذه الجهود:
- تعزيز المعاهدات واللوائح الدولية للحد من الصيد العرضي والتجارة غير المشروعة
- تنفيذ تدابير حماية الشاطئ لحماية مواقع التعشيش
- تطوير ممارسات الصيد المستدامة وتعديلات المعدات للحد من الصيد العرضي للسلاحف
- تثقيف الجمهور حول أهمية الحفاظ على السلاحف البحرية
- تمويل البحوث لفهم بيئة السلاحف البحرية بشكل أفضل وإبلاغ استراتيجيات الحفاظ عليها عوامل تهديد
وتواجه السلاحف البحرية مجموعة من التهديدات التي ساهمت في وضعها في خطر الانقراض، بما في ذلك، الصيد التجاري، وفقدان الموائل وتدهورها بسبب التنمية الساحلية، والتلوث والحطام البحري الذي يمكن الخلط بينه وبين الغذاء وابتلاعه، وتغير المناخ وتأثيراته على شواطئ التعشيش وبقاء الصغار، والحصاد غير القانوني للبيض للاستهلاك أو تجارة الحياة البرية غير المشروعة.
لماذا ننظف مناطق تعشيش السلاحف؟
هناك عدة أسباب مهمة لتنظيف مناطق تعشيش السلاحف:
- حماية البيئة والموائل الطبيعية: تعد مناطق تعشيش السلاحف جزءًا مهمًا من النظام البيئي الساحلي. وتنظيف هذه المناطق من المخلفات والتلوث يساعد على الحفاظ على البيئة الطبيعية وحماية الموائل المهمة للسلاحف وغيرها من الكائنات البرية والبحرية.
- الحفاظ على صحة السلاحف: المخلفات والتلوث في مناطق التعشيش قد تؤثر سلبًا على صحة السلاحف وتعرضها للمخاطر. وتنظيف هذه المناطق يساعد على توفير بيئة آمنة وخالية من الملوثات للسماح للسلاحف بالتكاثر بشكل آمن.
- زيادة فرص البقاء للسلاحف الصغيرة: عندما تخرج السلاحف الصغيرة من البيض، فإنها تواجه تهديدات كبيرة من الحيوانات المفترسة والتلوث. وتنظيف مناطق التعشيش يساعد على زيادة فرص بقاء السلاحف الصغيرة وتطورها بشكل طبيعي.
- المحافظة على التنوع البيولوجي: السلاحف البحرية هي جزء مهم من التنوع البيولوجي البحري. والحفاظ على موائل السلاحف البحرية والحد من التهديدات البيئية يساعد على المحافظة على التوازن البيئي والتنوع البيولوجي.
- تعزيز الوعي البيئي: تنظيف مناطق تعشيش السلاحف يساعد على زيادة الوعي المجتمعي بأهمية حماية البيئة وصون الحياة البرية. وهذا يشجع أفراد المجتمع على المشاركة في مبادرات حماية البيئة والمحافظة على الطبيعة.
تضافر الجهود
تلعب المجتمعات المحلية دورًا حاسمًا في الحفاظ على مناطق تعشيش السلاحف البحرية، كونها تعيش في محيط هذه المجتمعات وتتأثر بشكل مباشر بأفعالها. ويمكن لها المساعدة في إنجاح الجهود للحفاظ على حياة هذه الكائنات من خلال دعم جهود الحفظ والمنظمات التي تعمل على حماية مناطق تعشيش السلاحف وتعزيز التنمية الساحلية المستدامة، والمراقبة والإبلاغ عن أي علامات تشير إلى حدوث اضطراب أو تلوث، والقيام بعمليات تنظيف منتظمة لمناطق تعشيش السلاحف، مع التركيز على إزالة القمامة والحطام والملوثات الأخرى. وتقليل استخدام البلاستيك ودعم ممارسات المأكولات البحرية المستدامة، للمساعدة في تقليل التلوث وحماية موائل السلاحف.
فوائد تنظيف مناطق تعشيش السلاحف
حماية البيض والفقس غالبًا ما تكون مناطق تعشيش السلاحف عرضة للإزعاج البشري، مما قد يؤدي إلى سحق البيض أو تدميره أو التخلي عنه. ويساعد تنظيف هذه المناطق على تقليل مخاطر الصراع بين الإنسان والسلاحف ويضمن سلامة البيض والفقس.
الحفاظ على الموائل تقع مناطق تعشيش السلاحف في النظم البيئية الساحلية الحساسة، مثل الشواطئ والكثبان الرملية. ويساعد تنظيف هذه المناطق في الحفاظ على سلامة هذه الموائل، والتي تعتبر ضرورية لبقاء العديد من الأنواع الأخرى.
الحد من التلوث يمكن أن تتلوث مناطق تعشيش السلاحف بالملوثات مثل الحطام البلاستيكي، وتسربات النفط، والجريان السطحي الزراعي. ويساعد تنظيف هذه المناطق على تقليل كمية التلوث التي تتعرض لها السلاحف والحيوانات الأخرى.
دور السلاحف البحرية في النظام البيئي
- تقوم بنشر وتشتيت بويضات الشعاب المرجانية أثناء عومها بين الشعاب مساهمة في توسيع مستعمرات الشعاب المرجانية في البيئة البحرية.
- تتغذى على الحشائش البحرية لتبقيها سليمة وتسهم في استدامتها وانتشارها لكونها بيئة مناسبة لتكاثر بعض أنواع الأسماك والكائنات البحرية الأخرى.
- توفر العناصر الغذائية الحيوية مثل النيتروجين والفسفور للنظام البيئي للشعاب المرجانية.
- تحمي الشعاب المرجانية من نمو الاسفنج عليها الذي يسبب موتها.
- تتغذى على الطحالب الزائدة للحفاظ على نظام بيئي مستدام.
“كاوسـت” تتبع أماكن تعشيش السلاحف في البحر الأحمر
اكتشف فريق بحثي من جامعة كاوست أعشاشاً جديدة للسلاحف البحرية في جزر نائية بالبحر الأحمر، مما يؤكد أهمية هذه البيئات الهشة في حماية هذه الكائنات المهددة بالانقراض. وتشير الدراسة إلى أن الجزر شديدة الانحدار توفر بيئة مثالية لتعشيش السلاحف، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة لحماية هذه المواقع من التهديدات البشرية.
وطبقاً لما نشره موقع (كاوست ديسكفري) ، زارت كيرستي سكوت، باحثة العلوم البحرية بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا (كاوست) وفريقها البحثي، ثلاث جزر غير مسجلة في وسط البحر الأحمر للبحث عن علامات تعشيش السلاحف، مثل المسارات في الرمال والأعشاش الفعلية وقشور البيض، وأعلن الفريق البحثي، في دراسة نشرت في دورية «PeerJ»، عن نجاحه في تحديد بعض مواقع تعشيش السلاحف، وهو ما يمكن أن يساعد في حمايتها عند التخطيط لأي مشروع في المنطقة؛ حيث تعد هذه الأنواع من الحيوانات المهددة بالانقراض.
وبالنسبة لسلحفاة البحر التي تفقس، فإن فرصتها في البقاء على قيد الحياة غالباً ما يتم تحديدها قبل وقت طويل من أول سباق لها في البحر، وتحتاج الإناث في أعشاشها لجزر توفر أفضل ظروف حضانة ممكنة لبيضها، من لون الرمال ومحتوى الرطوبة إلى زاوية الانحدار، وتعد الجزر شديدة الانحدار أفضل لأن الأعشاش المرتفعة تكون أقل عرضة للغمر بالماء عندما يأتي المد، ويمكن للأنشطة البشرية التي تعطل أياً من هذه الميزات أن تقلل بشدة من معدلات بقاء هذه الأنواع المهددة بالانقراض.
وخلال أكثر من 35 زيارة ميدانية لثلاث من الجزر غير المسجلة وسط البحر الأحمر، حدّد الباحثون في جزيرة «أم مسك» ثلاثة أعشاش لسلاحف منقار الصقر، واثنين من أعشاش السلاحف الخضراء، أما في جزيرة «أبو جيشة»، فتم العثور على اثنين آخرين من أعشاش سلاحف منقار الصقر، أما جزيرة «رابغ» فلم يكن بها أي دليل على وجود أعشاش، وكان ذلك متوقعاً لأنها بجوار الشعاب المرجانية التي تهاجر السلاحف بعيداً عنها لتتكاثر.