في يونيو من عام 2023، استضافت ألمانيا ورشة علمية لمناقشة خطة عمل دولية هاجسها الأساس إنقاذ الحمر البرية من الانقراض. عُقدت الورشة في إطار برنامج عمل مشترك استمر مدة 3 سنوات، وشاركت فيه أطراف بيئية دولية لمراجعة حالة وتوزيع الحمر البرية الاسيوية، ومناقشة جوانب إعادة التوطين، وتجزئة الموائل، وتدابير التخفيف، وتعافي الحياة البرية، والحفاظ عبر الحدود، وتحديد التهديدات الرئيسية والإجراءات اللازمة للمحافظة على هذا النوع.
إعداد: إدارة الثدييات البرية
الغائب منذ سنة 1927
الحمار البرّي، أو الحمار الوحشي، أو الحمار الأخدر، أو الحمار الآسيوي، أو حمار بلاد ما بين النهرين؛ كلها مسمّيات لكائن فطري من نوع الحمير البرية غير المخططة، ما عدا الحمير المستأنسة التي استخدمها الإنسان في منافعه.
الحمار البري الذي كان موجودًا في الجزيرة العربية هو الحمار البري السوري Equus hemionus hemippus، كان الحمار البري يجول في الأراضي العشبية والصحاري الشاسعة في الجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق.
غير أن ما حدث لهذا الكائن الفطري، هو التراجع المتدرّج حتى اختفى كليًا. وتُشير بعض التقارير البيئية إلى أن عام 1927 شهد مقتل آخر حمار شُوهد في واحة «الأزرق» في الأردن.
حمار أم حصان؟
الحمار البري أكثر أنواع الحمر البرية شبهًا بالحصان. وهو قصير الأرجل مقارنة بالخيول، ويختلف لونه بحسب الموسم، فهو بنيٌّ مُحمَرٌّ في الصيف؛ وبنّيٌّ مُصفرٌّ أو بنيٌّ رماديٌّ في الشتاء. يمتلك شريطًا داكنًا يحده شريط آخر أبيض يمتد إلى منتصف الظهر. أمَّا لون البطن والأرداف، فهو أبيض لدى معظم الحمر البرية، باستثناء الحمار البري المنغولي الذي يمتلك شريطًا ظهريًّا داكنًا عريضًا يحده شريط أبيض.
توجد خمسة تحت أنواع من الحمر البرية تنتشر في الشرق الأوسط إلى وسط منغوليا، إذ إن هناك تفاوتًا بسيطًا في الشكل العام بينها. يبين الجدول رقم (1) تحت أنواع الحمر البرية ومناطق انتشارها.
مصادر التهديد
يعتبر فقدان الموائل الطبيعية وتجزئتها من أهم التهديدات الرئيسية على الحمر البرية، وقد أدت الأنشطة البشرية مثل: الزراعة، وتطوير البنية التحتية، والرعي الجائر، إلى تدهور موائلها الطبيعية وتقلصها.
استهدف الحمار البري بالصيد الجائر لاستهلاك لحمه واستخدام جلده وعظامه في الطب التقليدي في المناطق الآسيوية. ولمواجهة ذلك لا بدَّ من اتخاذ تدابير لمكافحة الصيد غير المشروع، بما في ذلك زيادة الدوريات والمراقبة في المناطق المحمية، وحملات التوعية العامة لتثبيط الصيد غير القانوني، وتعزيز الأطر القانونية لإنفاذ قوانين حماية الحياة البرية في دول انتشاره.
ومن المخطط له أن يكون البرنامج العملي متضمنًا خطوات عديدة تتمثل في البحث عن مصدر لتكوين جماعة قابلة للحياة من الحمر البرية، إمَّا من إيران أو من الأردن، أو حدائق الحيوان في أوروبا والولايات المتحدة؛ ومن ثم العمل على إنشاء برنامج إكثار في الأسر لمدة 5 سنوات على الأقل لتعزيز عدد الأفراد من الحمر البرية.
كما تتضمن خطة التدريب على الإكثار في الأسر انتداب باحثين سعوديين إلى الأردن وحدائق الحيوان العالمية لتلقي الخبرات في هذا المجال، والعمل على اختيار مواقع الإطلاق المناسبة في مناطق انتشاره التاريخي.
إعادة التوطين عالميًا ومحليًا
أدركت المنظمات والحكومات والمجتمعات المحلية أهمية الحفاظ على الحمار البري، بسبب أهميته البيئية، والحاجة إلى الحفاظ على التنوع الأحيائي في بيئته الطبيعية. وقد بذلت العديد من جهود الحفاظ الرئيسية لمعالجة التهديدات التي يواجهها وضمان بقائه على المدى الطويل.
وقد أُدرج هذا النوع في الملحق الثاني لاتفاقية الأنواع المهاجرة التي نصّت على اتخاذ تدابير سريعة للحفاظ عليه، بموجب القرار 13/11 لمؤتمر الأطراف الحادي عشر لاتفاقية الأنواع المهاجرة ومبادرة ثدييات آسيا الوسطى (CAMI).
وبالفعل بدأ تنفيذ تدابير عاجلة لإنقاذه، ومنها بذل جهود لزيادة المناطق المحمية، وإنشاء برامج إكثار، وتشديد اللوائح ضد الصيد والتعدي على موائله الطبيعية.
وللتعاون الدولي دور حيوي في الحفاظ على هذا الحيوان، وتعمل الحكومات والمنظمات غير الحكومية والباحثون من مختلف البلدان على تبادل المعرفة والمصادر وأفضل الممارسات، وتطوير استراتيجيات الحفاظ عبر الحدود، وإنشاء مشاريع بحثية مشتركة، وتعزيز تبادل الخبرات لضمان اتباع نهج شامل للحفاظ على هذا النوع.
سعوديًا..
إكثار الحمر البرية في المملكة في عام 2000، عبر برنامج لإكثاره في مركز الأمير سعود الفيصل لأبحاث الحياة الفطرية في الطائف (Feh et al, 2002).
وبعد إنشاء المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، تواصل العمل في هذا الاتجاه من خلال إطلاق برنامج إكثار الحمار البري بهدف إعادة توطين أقرب سلالة منEquus hemionus المنقرض في المملكة.
