[issue-single-data]

الظبي العفري الغائب منذ أكثر من خمسين عامًا

الظبي العفري الغائب منذ أكثر من خمسين عامًا

على قائمة الطعام منذ العصر الحجري
تواصلت جهود البحث عنه لأكثر من نصف قرن دون أي أثر

لم يكن من السهل للقائمين على تنمية الحياة الفطرية في المملكة العربية السعودية أن يعلنوا عن انقراض الظبي العفري السعودي (Gazella saudiya) في موائله الطبيعية أو في أي مكان آخر، وكأنهم يشاطرون الشاعر علي الغراب الصفاقسي في قوله:
سرقتم من عُيون الظّبي سحرا
فأجريتم لأدمُعنا عُيونا
وجُرتُم حاكمين على البرايا
فريقًا تقتلون وتأسِرُونا

ولهذا استمر البحث والتقصي عن هذا الحيوان مدة طويلة تجاوزت 50 عامًا، على طول البلاد وعرضها في المناطق التي كانت موئلًا طبيعيًا له، فلم يسفر البحث والتقصي عن أي ظبي عفري سعودي، وبهذا تمَّ تقييم الظبي العفري السعودي عام 2016 من قبل القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض للاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN)، معلنًا بشكل رسمي انقراض هذا النوع في نطاق انتشاره وموائله في المملكة العربية السعودية، وفي الكويت واليمن والعراق؛ إذ أشار المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية إلى هذه الحقيقة قائلًا: “أن لا ظباء تعيش في موائلها الطبيعية في أراضي المملكة سوى ظبي الريم وظبي الأدمي”.

الصفات
العفري السعودي ظبي صغير الحجم، يُراوح ارتفاعه بين 55 – 65 سم، ووزنه بين 15 – 20 كجم، شاحب اللون مع بني محمر، وعلامات جسم غير واضحة مع بقعة سوداء على الأنف، وخصلات على الركبتين، وأرجل قصيرة، وأذنين طويلتين، وقرون مستقيمة طويلة جدًا في كلا الجنسين.
انتشر الظبي السعودي في السهول الحصوية والرملية، ولا سيما في الشمال وفي الجنوب الغربي في المناطق الداخلية من شبه الجزيرة العربية، حيث تنمو أشجار السنط، التي مثّلت موائل طبيعية في أراضي السعودية، وعلى نطاق واسع إلى الشرق من جبال الحجاز وعسير غرب شبه الجزيرة العربية، وكذلك في وسطها على طول الشريط الغربي لصحراء الربع الخالي باتجاه اليمن، وفي شمالها في المنطقة الواقعة بين الكويت وجنوب العراق.
وُصِف الظبي السعودي بأنه من أكثر المجموعات تعقيدًا من ناحية التصنيف، وهذه الحقيقة أعاقت جهود الحفاظ عليه، حيث نجمت هذه المشكلة إلى حد كبير عن الخلط بين التنوع الكبير داخل نفس النوع والتشابه بين الأنواع، وخاصة في السمات، مثل: شكل القرن وحجم الجسم ولون الفراء.

مصدر مهم للغذاء
يُعد العفري السعودي من الحيوانات قديمة الظهور والانتشار في شبه الجزيرة العربية، وأصبح منذ العصر الحجري مصدرًا مهمًا للغذاء والدفء، ما دفع البشر للإكثار من صيده، وقد بدأ الانحدار الكارثي في أعداد هذا الحيوان بعد فترة وجيزة من الحرب العالمية الأولى، عندما دخلت البنادق والمركبات الآلية الحديثة. وبحلول الخمسينيات من القرن الماضي، لم يتبقَّ من هذا الحيوان إلا أعداد قليلة في موائلها الطبيعية.
نوع فريد
صُنِّف الظبي السعودي في بادئ الأمر على أنه نوع فرعي من ظبي دوركاس Gazella dorcas، إلا أن التحليلات الجينية أكدت أنه نوع مميز ومختلف، رغم ارتباطه الوثيق به. كما أكدت دراسات جينية أخرى لاحقًا، أجراها باحثون في مركز الملك خالد لأبحاث الحياة الفطرية، المتخصص في إكثار وأبحاث الظباء المحلية، أن الظبي العفري السعودي من الظباء المحلية متفردة النوع والصفات، وهذا ما دعا بعد ذلك إلى تسميته وتصنيفه تحت اسم الظبي السعودي (Gazella saudiya).
وقد أثبتت تلك الدراسات أن الظبي السعودي نوع فريد من الظباء يستقل بذاته، ويُعد من أجمل الانواع، لتميزه بقدرته على التكيف في البيئات القاسية، وقدرته على العيش والبقاء فترات طويلة دون الحاجة إلى الماء، ويعدُّ أحد الصفات المهمة في التنوع الأحيائي في الجزيرة العربية، فقد كان منتشرًا بكثرة في السهول والصحاري الرملية، وعُرف ضمن 17 نوعًا من ظباء العفري التي وُجدت في أجزاء من آسيا وإفريقيا.

جهود البحث
لا يمكن وضع تاريخ محدد لانقراض الظبي العفري في الأراضي السعودية والدول الأخرى التي توجد فيها في الجزيرة العربية، لكن الإعلان الرسمي عن انقراض هذا الحيوان تمَّ في عام 2016 عندما أعلن الاتحاد الدولي لصون الطبيعة عن انقراضه وجعله في القائمة الحمراء، وذلك بناء على الجهود التي بذلتها السلطات في المملكة العربية السعودية وجهات بحثية أخرى في محاولات حثيثة وواسعة للعثور على أي ظبي سعودي بين مجموعات الظباء، سوءًا في براري المملكة، أو في الدول المجاورة، مثل: اليمن والكويت والعراق.
وكانت عمليات البحث تجري بشكل ميداني من خلال أخذ العينات الجينية للظباء في موائلها الطبيعية، وكذلك في المحميات وبرامج الإكثار، وتحليلها جينيًا ثم مطابقتها، إلا أن تلك العينات أشارت إلى عدم مطابقتها مع جينات الظبي العفري السعودي.
إذ تمَّ الحصول على الحمض النووي للظبي العفري السعودي من جلود محفوظة في متحف التاريخ الطبيعي في لندن، ومتحف هاريسون لعلم الحيوان، وهي جلود جُمعت قبل عام 1940، وتعدُّ العينات الوحيدة في العالم الموجودة حتى الآن من الظبي العفري السعودي.
ويبدو أن الأنشطة والضغوط البشرية أدت إلى انقراض هذا الحيوان، الذي لم يُعلن عن انقراضه في الأراضي السعودية إلا في وقت متأخر، بعد أن تأكد الجهات المعنية أن لا أثر لهذا الحيوان في البراري السعودية، أو في المحميات، أو في برامج الإكثار، أو ضمن المجموعات الخاصة، سواء داخل المملكة أو خارجها، وأن هذا الحيوان منقرض بشكل نهائي.

تواصلت جهود البحث عنه لأكثر من نصف قرن بلا أي أثر

ارتفاعه بين 55 – 65 سم

وزنه بين 15 – 20 كجم

لونه رملي يميل إلى الحمرة

على وجهه خطوط طولية

خط خفيف يفصل لون الجسم عن لون البطن

فوق رأسه قرون متوسطة الحجم متجهة للخلف

Facebook
X
LinkedIn
WhatsApp

مقالات ذات صلة :

ابحث عن مقـــــال داخـــل الأعداد