صحة المحيطات صحة كوكبنا
تغطي المحيطات أكثر من 70% من سطح الأرض، وهي ليست مساحات شاسعة من المياه المالحة فحسب، بل هي نظامٌ حيويّ معقدٌ يُؤدّي أدوارًا أساسية مختلفة للحياة على كوكب الأرض، حيث تؤدي المياه دورًا حيويًا في تنظيم المناخ، وتوفير الغذاء، ودعم الاقتصاد العالمي، فضلًا عن كونها موطنًا لتنوع كبير من الأحياء، بدءًا بالكائنات الدقيقة، وانتهاءً بالثدييات العملاقة، فالمحيطات تمثل موطنًا لحوالي 80% من أشكال الحياة البيولوجية المتنوعة.
حدث رفيع المستوى
تأكيدًا لهذه الأهمية، ولما سبقه من مؤتمرات، نظم برنامج الأمم المتحدة للبيئة وحكومة كوستاريكا، الحدث رفيع المستوى للعمل من أجل المحيطات، استضافتهُ سان خوسيه عاصمة كوستاريكا في يونيو 2024، حضره رؤساء دول ووزراء ومنظمات غير حكومية، وباحثين، وذلك لمناقشة الإجراءات ووضع خطة عاجلة لحماية محيطات العالم.
وخلال ثلاثة أيام تضمن المؤتمر سلسلة من الجلسات والاجتماعات وحلقات النقاش ركزت على 8 مواضيع
رئيسية تمثلت في الاستخدام المستدام لموارد الصيد، ومكافحة الصيد غير القانوني، والاقتصاد الأزرق، والفرص التي توفرها التكنولوجيا للمحافظة والاستخدام المستدام للمحيطات، والحلول العلمية لمعالجة التلوث البلاستيكي البحري، والتنفيذ الفعال للاتفاقيات العالمية، إلى جانب جلستين تستعرضان قصص النجاح المتعلقة باستدامة المحيطات.
وفي كلمته الافتتاحية، ركَّز رئيس كوستاريكا رودريغو تشافيز، على الدور الذي تؤديه المحيطات في الحفاظ على الحياة، ودعم سبل العيش للمجتمعات الساحلية، وقدم دعوة لوضع جدول عمل للالتزامات والحلول الجريئة والملموسة الكفيلة بمعالجة التهديدات التي تواجه النظم البيئية للمحيطات.
ويعد الحدث فعالية تمهيدية للمؤتمر الثالث للمحيطات، المزمع إقامته في مدينة نيس الفرنسية خلال الفترة من 9 – 13 يونيو 2025م، بهدف تبادل الخبرات المتعلقة بحوكمة المحيطات وسلامتها، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمعالجة التحديات التي تواجه المحيطات، ومناقشة المواضيع المتعلقة بالأجندة العالمية وبالأخص الهدف 14.
حضور سعودي بارز
وخلال المؤتمر قدم الوفد السعودي مشاركات متميزة، فقد مثّل المملكة وفد رفيع المستوى، ترأسه معالي وزير الدولة للشؤون الخارجية، عضو مجلس الوزراء، ومبعوث شؤون المناخ، الأستاذ عادل بن أحمد الجبير، رافقه الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية الدكتور محمد علي قربان، وأعضاء من وزارة البيئة والمياه والزراعة، والمركز الوطني للالتزام البيئي، مع فريق عمل متكامل من المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية.
في الطريق إلى باريس 2025
مؤتمر الأمم المتحدة الأول للمحيطات
عُقد المؤتمر الأول رفيع المستوى للأمم المتحدة، خلال الفترة من 5 إلى 9 يونيو 2017 في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، للعمل على تنفيذ الهدف 14 وتحديد السبل والوسائل الداعمة، من خلال بناء شراكات ناجحة، وقائمة على التحفيز والجدة والابتكار، وإشراك جميع أصحاب المصلحة، وتبادل الخبرات المكتسبة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، والمساهمة في عملية المتابعة والمراجعة لخطة 2030، وذلك من خلال تقديم مدخلات للمنتدى السياسي رفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة، وقد أسفر المؤتمر عن 3 نتائج، هي:
1 -نداء للعمل متفق عليه على المستوى الحكومي الدولي.
2 -سجل ضم 1328 التزامًا طوعيًا.
3 -رسائل أساسية من حوارات الشراكة.
مؤتمر الأمم المتحدة الثاني للمحيطات
بعد نجاح مؤتمرها الأول للمحيطات، قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة عقد مؤتمرها الثاني رفيع المستوى في لشبونة البرتغالية، بناء على القرار رقم 73/292، خلال الفترة من 2 إلى 6 يونيو 2020 لتنفيذ الهدف 14، تحت عنوان “توسيع نطاق العمل في المحيطات القائم على العلم والابتكار.. التقييم
والشراكات والحلول” وبسبب جائحة كوفيد19-، قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة تأجيل المؤتمر، حيث عُقد في لشبونة خلال الفترة من 27 يونيو إلى 1 يوليو 2022، متضمنًا مناقشات حول التلوث البحري، وتعزيز الاقتصادات القائمة على المحيطات، وإدارة وحماية وحفظ واستعادة النظم البيئية البحرية والساحلية، وزيادة المعرفة العلمية، وتطوير القدرات البحثية، والتعهد بنقل التكنولوجيا البحرية.
وفي تقريره الختامي خرج المؤتمر بتعهد يلتزم بحماية الكوكب، شمل أكثر من 300 التزام طوعي، وما يقرب من 50 التزامًا وتعهدًا رفيع المستوى،
حيث استعرض الوفد السعودي خلال المؤتمر عددًا من المبادرات الوطنية الداعمة لاستدامة المحيطات، بينها “السعودية الزرقاء “Blue Saudi، التي تمثل برنامجًا لتقييم حالة الموائل البيئية في البحر الأحمر والخليج العربي، وإعادة تأهيل المتضرر منها، وحصر التنوع الأحيائي، وتقييم حالة الشعاب المرجانية، والحشائش البحرية، وأشجار المانجروف، التي تعد مؤشرًا حيويًا لمراقبة صحة البيئة.
وإلى جانب ذلك، استعرض الوفد أيضًا برنامجًا آخرًا تمثّل في تحديد نطاق المحميات المعلنة، والمقترحة ضمن هدف 30X30 المتوافق مع “مبادرة السعودية خضراء”، كما استعرض برنامج زراعة 31 مليون شجرة مانجروف، الهادف للوصول لتحقيق 200 مليون شجرة مانجروف بحلول عام 2030 وصولًا إلى 1.4 مليار شجرة مانجروف بحلول عام 2100.
وفيما يخص مكافحة التلوث البلاستيكي على المستوى الوطني، قدّم الوفد السعودي تجربته، التي شملت جوانب تشريعية وتنظيمية، وتخطيط شامل لإدارة النفايات، تمثل في إنشاء المركز الوطني لإدارة النفايات، ووضع
مخطط شامل لإدارة النفايات، ومعالجة التلوث البلاستيكي، والعديد من الأنشطة الثقافية، والتوعوية، لتغيير السلوكيات الفردية والمجتمعية.
لاستثمار ما لا يقل عن مليار دولار أمريكي، في دعم إنشاء وتوسيع وإدارة المناطق البحرية المحمية (MPAS)، والمناطق البحرية التي يحكمها السكان الأصليون والمحليون، والمناطق الساحلية بحلول عام 2030.
اعتمد المؤتمر شعار “محيطنا، مستقبلنا، مسؤوليتنا”، وذلك ليؤكد التزام المشاركين في الحفاظ على المحيطات والبحار ومواردها واستخدامها على نحو مستدام، والعمل بشكل طموح وفعال، لتحسين الصحة والإنتاجية والاستخدام المستدام والمرن للمحيطات وأنظمتها البيئية.
الأمم المتحدة للمحيطات
2030 – 2021
أعلن عن عقد الأمم المتحدة للمحيطات في عام 2017، بحيث تكون الفترة الممتدة بين 2021-2030 عقدًا للأمم المتحدة لإصلاح النظام الإيكولوجي للمحيطات، وتحفيز علومها، وتوليد المعرفة لإصلاح تدهور أنظمتها، وإيجاد فرص جديدة للتنمية المستدامة، ضمن رؤية شعارها “العلم الذي نحتاجه للمحيط الذي نريده”، على أن يوفر العقد إطارًا لاجتماع العلماء، وأصحاب المصلحة، من مختلف القطاعات، لتطوير المعرفة العلمية، والشراكات اللازمة؛ لتسريع التقدم في علوم المحيطات، وتسخيره لتحقيق الفهم والمعرفة الأفضل وتقديم الحلول لنظام المحيطات.
ومن أجل العمل على خطة 2030، كلفت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اللجنة الحكومية الدولية لعلوم المحيطات، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (IOC/ UNESCO)، بتنسيق الاستعدادات لتنفيذ عقد المحيطات، المتضمن 10 تحديات لرؤية 2030 التي تعد عملية طموحة لتحديد مقياس استراتيجي مشترك في طريق النجاح ومواجهة التحديات.