تشريعات الصيد في المملكة ذات جذور دينية وفطرية وآليات مدنية
لدى وطننا التزام دولي بالمشاركة في حماية 5600 نوع حيواني و30 ألف نبات
على الرغم من أن بيئة المملكة العربية السعودية قاسية مناخيًا وجغرافيًا، فإنها تزخر بتنوع حيوي مدهش، وذلك لتنوع البيئات البرية والبحرية من سهول وصحارى وأودية ومرتفعات ومناطق رطبة وغابات وشعاب مرجانية.
هذا التنوع المدهش عانى تدهورًا بيئيًا مستمرًا من صنع الإنسان، كما في معظم دول العالم. هناك قطع للأشجار ورعي وصيد جائران، إلى تدمير المواطن البيئية، وهناك التلوث. وكلّ ذلك أدى إلى تقليصٍ حرجٍ لهذا التنوع، ودخول العديد من الأنواع الحيوانية والنباتية للنطاق الأحمر، بكونها مهددة بالانقراض أو حتى انقرضت بالفعل.
والصيد هو إحدى الظواهر التي قد تُسهم في تعرض بعض الأنواع الحيوانية للانقراض. فقد سعى الإنسان منذ استُخلِف على الأرض إلى أن يحصل
على غذائه ولباسه من صيد الحيوانات المتاحة في بيئته. وقد ذُكر لفظ «الصيد – صيد -فاصطادوا» في ستة مواضع في القرآن الكريم، بيّن الله – سبحانه وتعالى – فيها مواضع الحلال والحرام في الصيد. وقد كانت أدوات الصيد المستخدمة في الأزمنة القديمة، بسيطة، والصيد كان عن حاجة ماسة للبقاء على قيد الحياة، ولم يكن لأسباب غير مبررة.
في هذه الأيام شكلت هواية الصيد أو رياضة الصيد، أحد أهم وأشهر الهوايات محليًا وعالميًا، إذ ينتظر هواة الصيد المواسم ليرتبوا إجازاتهم وارتباطاتهم الشخصية والعملية بناءً عليها، ويضعوا الموازنات المالية لها، لأنها تشكل موروثًا اجتماعيًا وتاريخيًا لهم، يقضون معها أطيب الأوقات وأكثرها متعة لهم.
وللصيد آداب
للصيد آداب وأحكام شرعية، وهناك لوائح وتنظيمات وتشريعات رسمية تضبط عملية الصيد، وتُسهم في حفظ التنوع الحيوي في البيئات المختلفة. إن وعي الأفراد والمؤسسات الخاصة والحكومية وإسهامها في الحفاظ على موروثنا الفطري، هو من أهم العوامل اللازمة لحياة فطرية مستدامة تنعكس على حياتنا اقتصاديًا وسياحيًا واجتماعيًا؛ إذ ترفع معها جودة الحياة، وينعم الجميع ببيئة غنية تنبض معها الحياة بكل مكوناتها الحية وغير الحية.
ومن أهم التشريعات الربانية للصيد، أن يكون المصيد حلالًا، ولحاجة، وأن يسمِّي الصياد عند الصيد، وألا يؤذي بالصيد أحدًا، ويتجنب الأوقات والأماكن المنهي عنها في الصيد؛ مثل كون المسلم مُحرمًا، أو داخل حدود الحرم. كما نُهي عن الصيد ليلًا.
ومع رؤية المملكة العربية السعودية 2030، تم اعتماد الاستراتيجية الوطنية للبيئة كبداية للتكامل في العمل البيئي، بهدف تحقيق الرؤية الطموحة للاستراتيجية المتمثلة في بيئة مزدهرة ومستدامة.
وقد صدر نظام البيئة وفقًا للمرسوم الملكي رقم (م/165) بتاريخ 19/11/1441هـ، الذي يعتبر نقطة التحول في الحفاظ على مكونات البيئة وتنمية الحياة الفطرية في المملكة العربية السعودية. وبموجب هذا المرسوم – وبحسب المادة 48 من نظام البيئة – يقوم وزير البيئة والمياه والزراعة بعمل اللوائح المنظمة لنظام البيئة خلال 180 يومًا من صدور المرسوم الملكي. وعليها صدرت اللائحة التنفيذية لصيد الكائنات الفطرية البرية في المملكة، بالإضافة إلى لوائح أخرى للمناطق المحمية وحماية الكائنات الفطرية ومشتقاتها ومنتجاتها، وغيرها من اللوائح التنفيذية المرتبطة بنظام البيئة. كما تم بموجبه تأسيس خمسة مراكز بيئية متخصصة من ضمنها المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية.
شروط ومعايير
تهدف اللائحة إلى حماية الكائنات الفطرية البرية من خلال وضع اشتراطات ومعايير ولائحة عقوبات لضمان تنفيذها. كما تسري أحكام اللائحة على جميع الكائنات الفطرية الحيوانية البرية ضمن إقليم المملكة.
الكائنات الفطرية الحيوانية البرية – جميع الكائنات الفطرية التي تنتمي علميًا إلى المجموعات الحيوانية، وتعيش حرة طليقة في البر (الثدييات، المفترسات، الطيور، الزواحف… إلخ) – ذات أهمية كبيرة من الناحية البيئية والاقتصادية والثقافية. فهي تؤدي دورًا حيويًا في تحسين جودة التربة والنظم البيئية، وتعد مصدرًا مهمًا للتغذية في بعض الثقافات، وتستخدم في الصناعات الدوائية والغذائية والزراعية.
تعاون دولي
إن حماية الكائنات الفطرية ومنتجاتها ومشتقاتها لا يمكن أن تتم دون تعاون دولي يضبط هذه العملية. لذا، صدرت معاهدة التجارة العالمية لأصناف الحيوان والنبات البري المهدد بالانقراض (CITES)، وهي اتفاقية بين الحكومات لضمان أن التجارة الدولية في عيِّنات الحيوانات والنباتات البرِّية لا تهدِّد بقاء تلك الحيوانات والنباتات.
بدأ نفاذ الاتفاقية في 1 يوليو- تموز 1975 ويبلغ عدد أعضائها حاليًا 180 بلدًا. انضمت المملكة العربية السعودية إلى هذه المعاهدة عام 1996. وتحمي الاتفاقية ما يقرب من 5600 نوع من الحيوانات و30 ألف نوع من النباتات، وتراقَب التجارة الدولية في هذه الأنواع وفقًا لدرجة الحماية التي تتطلبها. وتعمل الدول الأعضاء في الاتفاقية من خلال حظر التجارة الدولية في قائمة متفق عليها تضم الأنواع المهدَّدة بالانقراض، وعن طريق تنظيم ورصد التجارة في الأنواع الأخرى التي يمكن أن تصبح معرَّضة للانقراض.
هل الصيد ممنوع في المملكة العربية السعودية؟
يمنع الصيد منعًا قاطعًا للكائنات الفطرية المهددة بالانقراض، أو الأنواع التي يتم تحديدها من المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية (جدول 1) في أي مكان وأي وقت في المملكة. وهناك تنظيم للصيد يتم بموجبه تحديد أوقات وأماكن وأدوات الصيد، ليتمكن هواة الصيد من أخذ التصاريح اللازمة للصيد أو التصاريح اللازمة لنقل الكائنات الفطرية البرية عبر منصة (فطري) «الخدمات الخاصة في الحياة الفطرية» التابع للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية.
وتقدم هذه المنصة عشرات الخدمات الإلكترونية المتعلقة بالحياة الفطرية للأفراد والمؤسسات والجهات الحكومية وغير الحكومية.
مواعيد الصيد
في بداية الهجرة الخريفية لكل عام، يعلن المركز مواعيد السماح بممارسة هواية الصيد واستقبال طلبات التراخيص على منصة (فطري).
تبدأ في اليوم الأول من شهر سبتمبر، وتستمر حتى نهاية يناير التالي.
ويجري تحديد أدوات الصيد وأنواع الكائنات الحية المسموح بصيدها، والأنواع التي يحظر صيدها؛ بالإضافة إلى الأماكن المسموح الصيد فيها، وفقًا للائحة صيد الكائنات الفطرية البرية.
وتتولى وزارة الداخلية ممثلة في القوات الخاصة للأمن البيئي والجهات الأمنية الأخرى ذات العلاقة، ضبط المخالفين وإحالتهم إلى الجهات الأمنية المختصة لتطبيق العقوبات بحقهم (جدول 2).
على كل مهتم أو هاوٍ للصيد أو باحث في الكائنات الفطرية البرية في المملكة العربية السعودية أن يطلع على:
1- اللائحة التنفيذية لصيد الكائنات الفطرية البرية في المملكة العربية السعودية.
2- كتيب إرشادات الصيد الصادر من المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية.
3- منصة (فطري).
4- اللائحة التنفيذية للمناطق المحمية.
أبرز الممارسات المخالفة للائحة في صيد الكائنات الفطرية البرية:
استخدام أدوات ومعدات صيد محظورة.
الصيد في أماكن وأوقات ومواسم غير مسموح فيها.
صيد حيوانات برية مهددة بالانقراض (محظورة).
الصيد دون ترخيص.
كمية الصيد أكبر من المسموح بها في الترخيص.
ممارسة الصيد بطريقة غير آمنة.