كنانة دحلان
في القضايا البيئية عموماً، وفي قضايا الحياة الفطرية على وجه خاص؛ نجد أن مصدر الخطر الأكبر هو نحن، بني البشر. وللإنصاف؛ فإننا لم نكن مصدر خطرٍ حقيقي إلا في القرنين الأخيرين من عمر الزمان.
وقبل ذلك؛ كان دورنا المؤثر في البيئة محدودًا جدًا، ولا يرقى إلى مستوى تهديد أيٍ من الكائنات التي خلقها الله حولنا. ذلك أننا كنا أقلّ عددًا مما نحن عليه الآن، ونستهلك الموارد بأدواتٍ أقلّ خطرًا مما هي عليه الآن.
كنا نصطاد لنأكل فحسب. ولا نفرض أنفسنا على بيئات الكائنات وموائلها الطبيعية. وبعبارة أكثر دقة، كنا نتعايش معها وكفى.
في القرنين الأخيرين؛ تطوّرنا صناعيًا وآليًا. فصرنا نصطاد لا لنأكل فحسب، بل لنخزّن ونبيع ونصدّر. استعنّا بكل القوى التي توفّرت لدينا من وسائل النقل، إلى وسائل الصيد، إلى وسائل التخزين، إلى وسائل الاتّجار.
فضلًا عن ذلك؛ توسعنا في المساكن والعمران، ومددنا الطرق والجسور وسكك الحديد ونشرنا المطارات، دون أن نشعر بالتأثير الخطير الذي يهدم موائل ويُربك بيئات، ويطرد كائنات.
نحن ـ بني البشر ـ لم نستيقظ من التغيير الذي صنعناه إلا متأخرين، ولن ننجح في إصلاح ما أفسدته الصناعة والتجارة والمدنية ـ برمتها ـ إلا متعاونين. وما تسعى إليه الأمم راهنًا؛ هو إعادة تقييم الأمور من أجل أن تستعيد الطبيعة عافيتها، ولكلّ دولةٍ دورها.
وفي المملكة العربية السعودية؛ هناك عمل دؤوب آناء الليل وأطراف النهار؛ من أجل تحقيق العدالة الطبيعية التي اختلّت بفعل الإنسان نفسه. ومن هنا ظهرت البرامج والفعاليات والأفكار من أجل أن نتشارك جميعاً، حكومةً وشعبًا، لتفعيل أدوار الحماية اللازمة للنأي بجانب سلوكنا عن خصوصيات الكائنات الفطرية من النباتات والحيوانات.
في هذا الجزء من العالم؛ نعمل ـ جميعاً ـ على حماية الحياة الفطرية، بالامتناع عن السلوك المُضرّ بها، وإعطائها حق الحياة، كما نعطيه لأنفسنا..
إذا كنا ـ كبشر ـ قد تغيّرنا من الجيد إلى السيئ؛ فإن بإمكاننا أن نتغير من السيئ إلى الجيد.