سمكة الطوربيد هي نوع رائع من أسماك الراي الكهربائية التي توجد في شرق المحيط الأطلسي، وخاصة حول سواحل أوروبا وإفريقيا وفي البحر الأحمر. تشتهر هذه السمكة الفريدة بقدرتها المميزة على توليد الصدمات الكهربائية، وتؤدي دورًا حاسمًا في نظامها البيئي البحري. ومع ذلك، تواجه هذه السمكة كثيرًا من التهديدات التي تعرض موطنها وبقاءها للخطر، من الصيد العرضي في مصايد الأسماك إلى تدهور الموائل الناجم عن التلوث والتنمية الساحلية، إضافة الى الصيد بالجر القاعي والتأثيرات الأوسع لتغير المناخ.
الاسم والنوع
يعد سمك الطوربيد (Torpedo suessii) من أنواع أسماك الرفراف «اسماك الراي او الرقيطا»، من عائلة (Torpedinidae) وجنس (Torpedo) المعروف أيضًا باسم الرفرافات الكهربائية «أسماك الرقيطا الكهربائية». وجاء مصطلح توربيدو (Torpedo) من الكلمة اللاتينية (torpere)، التي تعني الشلل او الخدر، ويشير إلى تأثير الصدمة الكهربائية التي تسببها أسماك الرفرافات الطوربيدية للأنواع الأخرى. وقد تصل هذه الصدمات الكهربائية إلى 45 فولتًا، حيث تصعق فرائسها حتى من مسافات قصيرة من أجل الدفاع عن نفسها.
أهميتها للحياة البحرية
نظرًا للطبيعة المعقدة والمتصلة للأنظمة البيئية البحرية، تُعدُّ الرقيطا الكهربائية أنواعًا رئيسة في المجتمعات البحرية، حيث تؤدي دورًا بيئيًا مهمًا في استقرار وتوازن شبكات الغذاء البحرية من خلال الحفاظ على وفرة الفرائس، بينما تشكل بدورها مصدرًا غذائيًا للأنواع المفترسة العليا. كما توفر خدمات بيئية حيوية من خلال سلوكها في تحريك الرواسب، وهو ما يسهم في تدوير العناصر الغذائية وخلق مواطن أخرى لكائنات مثل الاسماك الصغيرة والقشريات، ومن ثَمَّ تعزيز التنوع الأحيائي.
بطيئة وقاعية
أسماك الرفرافات الطوربيدية هي كائنات بطيئة الحركة وقاعية، وهو ما يجعلها ضحايا للصيد بالشباك. وتشتهر هذه النوعية بقدرتها على توليد الصدمات الكهربائية التي تستخدمها للدفاع عن نفسها وصيد الفرائس. ويكون جسمها عادةً مستديرًا ومسطحًا، وله جلد ناعم
ونمط مميز. يمكن أن يصل طولها إلى حوالي 40 سم. تتغذى السمكة في المقام الأول على الأسماك الصغيرة واللافقاريات. وتوجد أعضاؤها الكهربائية عند قاعدة زعانفها الصدرية. وتتحرك هذه الأسماك ببطء بشكل عام، وتفضل قاع البحر الرملي أو الطيني.
كشف الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة (IUCN) أن أربعة أنواع من الرفرافات الطوربيدية تواجه خطر الانقراض، وذلك من أصل عشرة أنواع مختلفة، وأن نوعًا واحدًا منها على وشك الانقراض او منقرض. هذه الأرقام المثيرة للقلق تؤكد الحاجة الملحة لوضع استراتيجيات حماية فعالة لضمان بقاء هذه الكائنات البحرية المهمة.
وتتعرض أسماك الرفرافات الطوربيدية لضغوط شديدة نتيجة للأنشطة البشرية. فالصيد العرضي، وتدمير الموائل الطبيعية نتيجة للتوسع العمراني على السواحل، والصيد القاعي الذي يدمر قاع البحر، كلها عوامل تسهم في تدهور
اعداد هذه الأسماك. كما أن التغيرات المناخية والتلوث البحري يزيدان من حدة هذه التهديدات التي تقضي على موائلها وخفض أعداد الفرائس التي تتغذى عليها.
ويمكن حماية مواطن هذه الأسماك من خلال مجموعة من التدابير المتكاملة، مثل إنشاء مناطق محمية بحرية تحد من الصيد والأنشطة الضارة، وتشجيع ممارسات الصيد المستدامة التي تقلل من الصيد العرضي، ومكافحة التلوث البحري، واستعادة الموائل المتدهورة، وتعزيز البحث العلمي لمعرفة أفضل لكيفية حماية هذه الأنواع.
من البحار إلى المتاحف
رغم الانتشار الواسع لأسماك الرفرافات الطوربيدية في مختلف أنحاء العالم، خاصة في المناطق المعتدلة والاستوائية، فإن بعض أنواعها تواجه خطر الانقراض .يُعد سمك (Torpedo suessii) مثالًا صارخًا على ذلك، حيث اُكتشِف في البحر الأحمر في أواخر القرن الثامن عشر، ولم يتم توثيق سوى أربعة أفراد منه حتى الآن. وقد جمعت ثلاث عينات (اثنتان منها ذكور وواحدة أنثى) خلال حملة استكشافية نمساوية – مجرية، وحفظت في متحف فيينا للتاريخ الطبيعي، بينما تم تصوير الرابعة فقط ولم يتم رصدها مرة أخرى.
حماية الحياة البحرية في البحر الأحمر
يعمل المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية على حماية الحياة البحرية في البحر الأحمر والخليج العربي من خلال إنشاء محميات بحرية، ورصد الأنواع والموائل، ومكافحة الصيد الجائر، وتوعية المجتمع، ودعم البحوث العلمية، والتعاون الدولي.
ويبذل المركز جهودًا كبيرة لحماية التنوع البحري، مع التركيز بشكل خاص على مجموعات الأسماك الغضروفية مثل أسماك القرش والرفرافات. ويسعى لتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على البيئة البحرية، وذلك من خلال برامج تعليمية مكثفة وبناء شراكات قوية مع المجتمع المحلي والصيادين لتنظيم ممارسات الصيد، وتقليل الصيد العرضي، بما يسهم في استدامة الموارد البحرية وحماية التنوع البيولوجي البحري.