[issue-single-data]

6 مهددات رئيسة حاصرته طوال 80 عامًا .. العقعق العسيري..

6 مهددات رئيسة حاصرته طوال 80 عامًا .. العقعق العسيري..


ساعدوا الذكي الانتهازي


يصنَّف بالذكاء الخارق مقارنة ببقية الطيور ويتخذ قراراته بسرعة ويملك حلولًا لمشكلاته ويدرك المفاهيم
خطة من 29 إجراء وُضعت في الأولويات الوطنية لمنع انقراضه.
سعد العريج

على سفوح وأودية جبال السروات يعيش “العقعق العسيري” محصورًا في بيئة متفردة لا يعيش في غيرها بتاتًا على سطح الأرض. مناطق ضيقة هي ملاذه الأوحد فقط.
إنها معاناة أمام ضعف في مستوى التكاثر حتى في البيئة المثالية لأسباب بيولوجية تفاقم الأزمة. هي 270 طائرًا أو أقل من ذلك الحصيلة المتبقية لأكثر طير تحت الضغوط في العالم بأسره.
الطائر ذو البطن الأبيض الذي يحمل الاسم العلمي (Pica asirensis)، يبلغ طوله 46 سنتمترًا تقريبًا، ويزن 240 جرامًا، ويكتسي اللون الأسود.
أعداد طائر العقعق العسيري انكمشت بنسبة تفوق %90 خلال الـ80 عامًا.
ولدى المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية خطة إنقاذ عاجلة في 6 اتجاهات، من أجل مساعدة هذا الكائن الفطري على استعادة موقعه بعيدًا عن التهديد. الخطة يستمر عملها إلى ما بين 10 و15 سنة.
وتشير الدراسات الوراثية إلى أن العقعق العسيري عاش في عزلة منذ 1.4 مليون سنة، متخذًا من المناطق المزروعة وسفوح التلال المفتوحة موطنًا، حيث تتناثر أشجار العرعر والأشجار عريضة الأوراق، مفضّلًا تجنب التعشيش بالقرب من البشر.


هندسة العش
في الغالب تكون طيور العقعق مجموعة عائلات مستقرة وذات نطاق نفوذ، وتعشش في المنطقة نفسها لسنوات متتالية. وعش العقعق العسيري نموذجي، يشكل كتلة كبيرة بيضاوية الشكل (بطول 60 سم وعرض 50 سم) من العصي والأغصان الجافة المرتبة بشكل غير محكم، مع عش سميك في الوسط على شكل
كوب مصنوع من الطين مبطن بالريش والأغصان النحيلة والجذور الصغيرة.
تعلوه قبة سميكة من الأغصان فوق كوب العش. تدخل الطيور العش من خلال مدخل في الجانب يؤدي إلى كأس الطين. تُبنى الأعشاش على ارتفاع حوالي 3 – 8 أمتار فوق سطح الأرض عند قاعدة شوكية في شجرة العرعر أو أشجار الطلح.
هذه الأعشاش القوية غالبًا ما تستمر لعدة سنوات، إلا أنه يتم بناء أعشاش جديدة سنويًا، وغالبًا ما تكون قريبة جدًا من أعشاش المواسم السابقة. نتيجة لذلك، يمكن العثور على العديد من الأعشاش القديمة على مقربة بعضها من بعض، ويُفترض أن تكون حول وسط نطاق النفوذ.


وفيَات الفراخ
تضع جميع أنواع العقعق عددًا كبير من البيض مرة واحدة، ويُراوح ذلك بين بيضتين و10 بيضات، وتحتوي معظم الأعشاش على 5 أو7 بيضات، وتستغرق فترة الحضانة بين 16 و22 يومًا.
تتولى الأنثى الحضانة، بينما يتولى الذكر إحضار الطعام إلى العش. ويفقس بيض العقعق على مدار عدة أيام. وهو ما يعني وجود فرق كبير في الحجم بين الفقس الأول والأخير. ومن المثير للاهتمام، أن ما يصمد من الفراخ في الحياة لا يزيد على 4 فراخ. ويُفسّر موت الصغار المتأخرة بالجوع بشكل عام في غضون أيام قليلة من خروجه من البيضة؛ لأن الوالدين لا يجلبان لها الطعام الكافي.


طعام جماعي
لا يمكن الجزم بالشيء الكثير عن النظام الغذائي للعقعق العسيري، إلا أنه مثل أقرانه انتهازي، ومتنوع التغذية (آكل النباتات واللحوم معًا). ويتضمن غذاؤه اللافقاريات، وجيف الحيوانات المقتولة أو المصدومة على الطرق،
والمواد النباتية، والبقايا الغذائية للبشر. ويقوم بجمع أغلب غذائه من الأرض.
وفي غذائه يتسم بسلوك اجتماعي، حيث يتغذى في مجموعات تصل إلى 7 طيور، ويُفترض أنها مجموعات عائلية. وقد أظهرت العديد من الدراسات أن طيور العقعق هي من بين الطيور الأكثر ذكاءً على وجه الأرض، حيث تمتلك نسبة كبيرة من الدماغ الأمامي إلى الدماغ الخلفي، وذلك يمنحها قدرات حل المشكلات والابتكار، وفي بعض الحالات قدرات صنع الأدوات.
كما أثبتت الأبحاث التجريبية أن طيور العقعق لديها القدرة على تعلم المفاهيم المجردة بمستوى أعلى مما تظهره بعض الرئيسيات.
يعاني العقعق العسيري ضغوطًا مركبة ومعقدة تهدد بانقراضه، منها ما يتعلق بتغير الموئل ونمط الغذاء ومشاكل في تكاثره جينيًا وتغير المناخ وتسميم مطعمه.

ستة مهددات
هناك حزمة من المهددات المحيطة بالعقعق العسيري، بعضها يتعلق بالموائل، وبعضها يتعلق بالسلوك البشري، وبعضها يتعلق بالبيئة بشكل عام.
فقدان الموائل
يؤدي فقدان غابات العرعر والطلح إلى تقليل موائل التعشيش والغذاء المتاحة. كما يقلّل التطهير بشكل مباشر من عدد الموائل المتاحة، أو يمكن أن يجعل البقاع المتبقية غير مناسبة؛ لأنها تصبح صغيرة جدًا، أو معزولة أو معرضة جدًا لما يعرف بتأثيرات الحافة.
فقر التنوع الوراثي
يؤدي عدم قدرة الطيور على التفرق بين المناطق المعزولة إلى مشاكل وراثية كبيرة وبشكل حتمي على مستوى العشيرة (مثل زواج الأقارب والانحراف الوراثي)، وهذه تقلل من فرص بقاء أزواج التكاثر على قيد الحياة ونجاحها في التكاثر؛ مما يقلل من حجم العشيرة ويدفع الأنواع للانقراض.
وتشير بيانات مأخوذة من مجموعات الطيور والثدييات إلى أن تزاوج الأقارب غالبًا ما يؤثر بشكل كبير في وزن المواليد، وفرص البقاء، والتكاثر، ومقاومة الأمراض والافتراس والضغط البيئي.
تدهور الموائل
ما تبقى من موائل العقعق في عسير يعاني التدهور المستمر وفقدان الجودة، حيث يتم فقدان أشجار العرعر المعمرة بسبب الشيخوخة، أو قطع الأخشاب، أو الحطب، أو الإجهاد الناجم عن تغير المناخ. ويسبب الرعي غير المنظم للماشية، مثل: البقر والحمير والماعز والإبل (وما يرتبط به من ضغط التربة) خفض التنوع الهيكلي للنباتات المتبقية من خلال إزالة أو زيادة صعوبة إعادة نمو الشجيرات والشتلات، وبالتالي تقليل جودة الموائل.
29 إجراء للإنقاذ
للحفاظ على طائر العقعق العسيري من الانقراض، لدى المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية خطة تضع في اعتبارها ثلاثة أهداف عاجلة، هي: الحد من المخاطر والتهديدات التي تواجه العقعق العسيري، وزيادة العدد والتنوع الجيني للعقعق العسيري فوق المستويات المطلوبة لضمان وجود مجموعات متكاثرة قابلة للاستمرار، وتطوير الموائل بالإدارة المستدامة في نطاق انتشاره لتحقيق أقصى قدر من البقاء والنجاح بالتكاثر.
وتتضمن الخطة 29 إجراء لتحقيقها، تبدأ بتشكيل فريق إنقاذ، وإجراء مزيد من الدراسات والأبحاث التفصيلية، والعمل الميداني ونقل الأفراد أو البيض أو المجموعات المعرضة لمخاطر عالية إلى منطقة أكثر أمانًا.
كما يُعِد المركز خططًا لإدارة الموائل الحرجة ورفع مستوى الثقافة بحملات تعليمية وتوعوية.
غراب المذاري
بعض السكان المحليين في عسير يُطلقون عليه اسم “الشقح”. أمَّا المزارعون في بعض القرى، فيُطلقون عليه لقب “غراب المذاري” لما يتميز به دون غيره من ذكاء خارق، خاصة وقت حراثة المزارع بالآلات القديمة التي تُسمَّى “عملية الذّري” محليًا.
في هذا التوقيت الحرج لمرحلة الإبذار، يستغل العقعق الوضع ويعمد إلى التقاط البذور وأكلها على المحراث قبل وصولها إلى التربة.
بعض الروايات الشفاهية تشير إلى أن صيد هذا “الشقح” أو “غراب المذاري” من المعيب في العُرف القبلي.
صغر حجم الأعداد
هناك مشكلات متأصلة تتعلق بصغر حجم الأعداد التي قد تعمل على وضع النوع تحت ضغط إضافي كالتأثير المحتمل للأحداث العشوائية مثل حرائق الغابات أو الأمراض. ففي أكتوبر 2020، تسببت حرائق المناطق البرية في احتراق جزء كبير من الموائل الرئيسية في محافظة تنومة، ومن الشبه المؤكد أن ذلك أدى إلى تناقص عدد وكثافة أشجار العرعر والطلح، ولعله تسبب بشكل مباشر أو غير مباشر إلى موت أفراد من الطائر. مثل هذه الأحداث يمكن أن تحدث بشكل أكثر تكرارًا مع تسبب تغير المناخ في إحداث مناخ أكثر دفئًا وجفافًا في منطقة عسير.


الاستهلاك المفرط لبقايا الطعام
قد تتأثر صحة وبقاء طائر العقعق العسيري بسبب ميله للبحث عن بقايا الطعام ذات القيمة الغذائية المنخفضة المتروكة على جوانب الطرق أو مناطق التنزه. وتتمتع طيور العقعق العسيري بإمكانية الوصول إلى بقايا الطعام كلما رغبت في ذلك. ويمكن أن تؤثر هذه الوفرة من بقايا الطعام سلبًا على إنتاجية الطيور.


تناول الطعوم المسممة
تقع جميع موائل العقعق العسيري المتبقية تقريبًا قرب القرى وبلدات صغيرة تعاني الكثير منها مشاكل كبيرة في إدارة النفايات، حيث تكثر فضلات الطعام والقمامة، مما يؤدي إلى مشكلات مع الحيوانات القمامة، مثل: القوارض وقردة البابون والغربان. وكثير من السكان في هذه القرى الصغيرة يستخدمون الطعوم المسممة للسيطرة على تلك الحيوانات. ونظرًا لأن طائر العقعق العسيري فضولي التغذية، فقد تهلك بعض الطيور لتناولها الطعام المسموم.

Facebook
X
LinkedIn
WhatsApp

مقالات ذات صلة :

ابحث عن مقـــــال داخـــل الأعداد